حق الرجل في البكاء!


الخميس 4 ربيع الأخر 1429هـ -10 أبريل 2008م - العدد 14535
حق الرجل في البكاء! مجدي شلبي
قبل الولوج إلى التعقيب على مقال الأخت الفاضلة مها العبد الرحمن (دموع الرجال!) المنشور على صفحة الرأى بجريدة "الرياض" يوم الثلاثاء 24 ربيع الأول 1429هـ... أود أن أهدئ من روع (المتباكين) على سوء العلاقة المتوهَم بين الرجال و النساء... فلا المرأة حاقدة على الرجل إلى درجة التغرير به... فتدعوه إلى عدم البكاء رغبة منها في إصابته بالعلل و الأمراض من خلال شعار (الرجال لا يبكون)، و لا الرجل يظلمها و يهدر حقوقها بغية استقطار مآقيها و انحلال عقد دموعها و تناثر لآلئ جفنيها!
فمعلوم أن العلاقة بينهما ليست علاقة أضداد، لكنها علاقة تكامل بغية الوصول إلى هدف واحد... فما يصيب أحد الطرفين من أذى يلقى بظلاله القاتمة على الطرف الآخر...
و ما يحدث من اختلاف بينهما في أحيان لا يعدو كونه سحابة صيف لا تلبث أن تنقشع لتشرق شموس الأحاسيس و المشاعر الإنسانية التي توحد بينهما على الدوام.
و لا شك أن الاعتقاد الذي ساد لسنوات و أحقاب بأن ما يصلح للمرأة من أفعال و أعمال لا يصلح للرجال؛ ثبت بلا مراء و لا جدال عدم دقته في كثير من الأحوال، منها على سبيل المثال: (التعبير عن المشاعر سواء بالضحك أو البكاء أو الهدوء أو الانفعال)؛ فالمشاعر الإنسانية تجمعهما على أرض واحدة بحلوها و مرها، فمسببات السعادة و الشقاء لا تفرق بين آدم و حواء...
أما اختلاف مقاييس التأثر و أسلوب التعبير فمرجعه إلى الثقافة الذكورية التي تربط بين رقة المشاعر و الضعف... رغم أن العقيدة الإسلامية تصف أفئدة المؤمنين بأنها كالطير، و قلوب الكافرين كالحجارة بل أشد قسوة... فهل يجوز أن نستجيب لثقافة ذكورية تجمد مشاعرنا و تحجر دموعنا و تبعدنا عن صلب العقيدة و جني ثمار الإيمان!
لقد أعجبني أن ربطت كاتبة المقال بين غيض الدمع و الترفع عنه، و بين الأمراض العديدة الناتجة عن الضغط النفسي و كبت الأحزان... غير أن مبدأ الاعتدال كما يدعونا للتعبير عن مشاعر الحزن والغضب، يدعونا لعدم الإفراط في هذا التعبير أيضاً، فلا ينبغي أن يفحمنا البكاء، أو تتحرق به أجفاننا، أو تسيل عبراتنا دماً!.
فرغم أن المولود يولد صغيراً و مع الأيام يكبر، إلا أن المصيبة تولد كبيرة ثم تصغر مع الزمن... كما أن البكاء لا يغني محتاجاً، و لا يُعيد راحلاً، و لا يصلح ما أفسده الدهر كما يقول بيت الحكمة:
بكت عينى، و حق لها بكاها/ و ما يُغنى البكاء و لا العويل!
إلا أنه يريح النفس و يزيل الحزن و يخفف الآلام؛ فلا تحرم نفسك من حقك الإنساني في البكاء، خصوصاً إذا دخل من باب (من السرور بكاء) وهيا بنا نجهش!
فلو كان النساء كمن (بكين)/ لفضلت النساء على الرجال
و ما التأنيث (للبسمة الحلوة)عيب/ و لا التذكير (للغم جمال)!
(مع الاعتذار لأبي الطيب المتنبى)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ