مجدي شلبي معقباً على مها العبد الرحمن


الاربعاء21 المحرم 1429هـ -30 يناير 2008م - العدد 14464
شلبي معقباً على مها العبدالرحمن
حول "بنات الرياض":
و ماذا عن عورات الجهل والتخلف و العنصرية يا مها؟! مجدي شلبي
قبل الولوج إلى التعقيب على مقال الأخت الفاضلة مها العبد الرحمن (وعادوا "لكُنَّ" يابنات الرياض!) المنشور في صفحة الرأى يوم الثلاثاء 2008/1/22. أود أن أشير إلى أمر هام يجب وضعه في الحسبان قبل التعرض لأفكار الآخرين... و هو ضرورة التفرقة بين النقد و الانتقاد و اعتماد الحكمة البليغة (رأيي خطأ يحتمل الصواب، و رأيك صواب يحتمل الخطأ).
و من هذا المنطلق أود طرح رؤيتي بروية دون عصبية أو انفعال، مع خالص التحية و التقدير و الاحترام لأفكار الكاتبة التي صاغتها بمهارة و حرفية عازفة على وتر شديد الحساسية... فشنفت بهذا آذان المتربصين بالمرأة؛ فطربوا و استزادوها من الشعر بيتا، و طالبوا بتخصيص (زاوية) ثابتة لها كمكافأة على نقدها لبعض بنات جنسها!.
و بادئ ذي بدء لا يمكن لأحد أن يعترض على ضرورة الالتزام بالأخلاق الفاضلة بأي حال من الأحوال، لكن من الذي قال إن الخلق مجرد رداء إذا أسبلته المرأة على جسدها أكسبها العفة؟!.
لا يستطيع أحد أن ينكر أن من فقدت أخلاقها و عصت ربها لن يعصمها من هذا السلوك و لن يردعها شكل الرداء، بل ربما ساعدها في الاختباء و الاختفاء عن أعين الرقباء!.
فقد أضحت المسافة جد شاسعة بين المظهر و الجوهر، و بين الشكل و المضمون في كثير من الأحيان... مما يحتم علينا ضرورة عدم إطلاق الأحكام على نحو الارتباط التام بينهما... فليست كل منقبة مهذبة و ليست غير المنقبة بالضرورة فاجرة!.
و حيث أن (الكبت يولد الانفجار) كحقيقة مؤكدة لا مراء فيها و لا جدال... أخشى أن تكون الثقافة الذكورية هدفها الضغط المتزايد على النساء بغية وقوع الأخطار و الأخطاء، فيشيرون إليهن حينئذ بأصابع اتهام؛ فتبدأ سلسلة جديدة من الضغوطات بادعاء أنهن سبب الغواية و الإغراء!.
إنني أدعو أصحاب العقول إلى تدبر المعادلة التالية:
@ إذا كنا ندعو المرأة للاختباء خوفاً على كنوزها من (تلصص) الرجال، فهل الذي يستحق القيد هو الكنز أم اللص؟!.
فإذا انطلقنا من أسر هذا الهاجس الجنسي المسيطر على بعض الرجال فاجأتنا أسئلة حائرة... تبحث عن إجابة لدى أصحاب الوصاية الجائرة:
@ هل أمرنا ربنا بأن نحرم المرأة من حقها في اختيار زوجها؟!
@ هل أمرنا ربنا بأن نحرم المرأة من حقها في التصرف فى أموالها؟!
@ هل أمرنا ربنا بأن نحرم المرأة من حقها في العمل؟!
@ هل أمرنا ربنا بأن نقيد حق المرأة في قيادة السيارة؟!
@ هل خلق ربنا المرأة بغية أن تكون مطية للرجل؟!
@ هل هن عار و فضيحة يجب سترها؟!... هل يأمرنا ربنا بأن نئدهن أحياء؟! أم أمرنا أن نكرمهن و نحسن إليهن و لا نهضم حقوقهن و لا نقلل من شأنهن و قيمتهن؟!
@ أليس ربنا هو ربهن أيضاً؟!
@ هل أمرنا ربنا بأن نقيدهن و نشل حركتهن؟!
@ هل هن مخلوقات فضائية قادمة من عالم آخر، حتى يُنظر إليهن بشك و ريبة و توجس و حذر؟!.
إن قضايا المرأة لا تخص المرأة وحدها؛ فهى قضية مجتمع يسعى للنهوض من كبوة التخلف، ليأخذ مكانه اللائق به بين الأمم و الشعوب المتقدمة، دون تخلّ عن التزامه الأخلاقي و عقيدته الدينية السمحاء... لهذا أرى أن من حق الجميع سواء كانوا رجالاً أو نساء أن يعبروا عن آرائهم بحرية دونما تربص أو استعداء، مع ضرورة التأكيد على أن عجلة التقدم لن تسير أبداً للوراء، و ستأخذ المرأة حقها شاء البعض أم أبى، فالمسألة مسألة وقت ليس إلا.
و من عجب أن يُتَهم الرجال المدافعون عن حقوق المرأة بسوء القصد و الهدف؛ فيطعن البعض في نواياهم و مقصدهم و غايتهم، و كأن الأصل هو الوقوف موقف الخصم الذي يبرر ظلم المرأة و قهرها و اضطهادها!... فماذا لو طبق هؤلاء سوء نيتهم على أنفسهم فنظروا إلى الدفاع عن هضم حقوق النساء من ذات الزاوية، حيث المصلحة الشخصية و محاولة العزف على أوتار ذكورية؟!.
إن استرداد المرأة لحقوقها السليبة ليس معناه انقلاباً للأدوار كما يخشى و يعتقد البعض؛ لكنه فقط إعادة للأمور إلى نصابها كي تصبح العلاقة بين الرجل و المرأة كما أرادها الله علاقة تكاملية هدفها الارتقاء بالمجتمع، و ليست علاقة تفاضل و مكابرة و استعلاء... أو كراهية و احتقار و تربص و استعداء!.
إننا أحوج ما نكون الآن أكثر من أي وقت مضى إلى شحذ الهمم و تجميع طاقات أبناء المجتمع (رجالاً و نساء) للانطلاق على طريق التقدم و النماء.
و هنا يثور سؤال هام: أليس أمراً مخجلاً و محزناً أن يظل غيرنا يفكر و يبتكر و يبدع و ينتج لنا،  ونحن نَستهلِك و نُستهلَك.... أليس شيئاً مخجلاً و محزناً أن يفكر غيرنا و يبتكر و يبدع و ينتج لنا و بعضنا ما زال يجادل ويحاور و يناور من أجل بقاء الوضع على ماهو عليه... رافعاً شعاراً (كوميدياً) ورد فى إحدى المسرحيات "أنا مرتاح كده... أنا مبسوط كده"!...
أليس أمراً مخجلاً و محزناً أن يظل غيرنا يفكر و يبتكر و يبدع و ينتج لنا، و نحن نكتفي بالانزواء و الفرجة عليه من ثقب الباب... و كأننا مجرد أجساد تأكل و تشرب و تتناسل...
هل نحن مجرد أجساد... تحتاج إلى الستر من بعض المتربصين و الحساد؟!.
ماذا عن عورات الجهل و التخلف و العنصرية على أساس الجنس بين الأفراد و التي تهدد المجتمع بالتشرذم و الانقسام؟!