ثلاثاء 23 رمضان 1429هـ - 23 سبتمبر 2008م - العدد14701
كونوا نخيلاً!مجدي شلبي
كنت من شدة إعجابي بالتمر استمرئ قذف النخيل بالحجارة كي تعطيني أطيب الثمر!، غير أني ذات مرة تمهلت و تأملت فوجدتني أنجذب إلى نخلة انجذاباً عاطفياً، و صارت هناك علاقة قوية بيني و بينها فوجدتها تبادلني تمراً بحب، و تمنحني التمر بغير الحب أحياناً...
فهي و الإنسان يشتركان في كثير من الصفات كالخير و العطاء، و لهما جذع منتصب، و إذا تعرض قلبهما لصدمة قوية ماتا، أما الشيء الأغرب فهو تساوي عدد الصبغات الوراثية (الكروموسومات) في النخلة و الإنسان...
و قد ورد في ترجمة كتاب (الفلاحة النبطية): أن النخل يشبه الإنسان، كأنه في نوعه في النبات شبيه بنوع الإنسان في الحيوان، كما أنه يوجد في النخل (الذكر و الأنثى و الخنثى) مثل الإنسان تماماً بتمام، كما أن النخلة الأنثى إذا حملت انقطع خروج الفسيل منها، كالمرأة الحامل عندما ينقطع حيضها!
و لعل التشابه المشار إليه بين النخيل و البشر يبشرنا في المستقبل بتصالح أكبر مع الطبيعة، خصوصاً و نحن على أعتاب اليوم العالمي للنخيل، و الذي يصادف الحادي عشر من شهر سبتمبر الجاري.
فمن العجيب أن يأمرنا ديننا القويم بالاهتمام بالنخيل و نحن لا نسن قانوناً يقضي بتغريم من يقطع نخلة إسوة بما جاء في تشريع حامورابي!
إن العلاقة الحميمة تجعلنا نأمل في أن يتخلى بعض البشر عن صفات ذميمة تأبى أي نخلة أن تتصف بها؛ فلم نسمع يوماً أن هناك نخلة كذبت أو سرقت أو غشت أو ارتشت!
كونوا نخيلاً لا ينحني للريح، ممشوقاً باسقاً، متعففاً عن مرزول الصفات، عن الأحقاد مرتفعاً، و إذا قذف بحجر أعطى أطيب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ